يدعي البروتستانت ان والده الاله مريم قد
تزوجت من يوسف بعد ولادة يسوع فهل هذا الكلام صحيح؟ ألا تعني آية : " ولم
يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " ( متى١: ٢٤ ) أن يوسف قد عرف مريم وتزوجها بعد
ولادة يسوع ؟ خاصة وأن يسوع قد دعي " ابنها البكر " دالاً بالتالي على
ولادة أخوة له من بعده ؟
ج 41 - إن صيغة " ولم يعرفها حتى
ولدت ابنها البكر " تدل حتماً على الزمان السابق الكلمة " حتى
eos " ،
ولا تعطي أية معلومات تفيد ما حدث بعد
" حتى
" .
الانجيلي متى هنا مهتم بالتأكيد على
بتولية مريم قبل الولادة تحقيقاً لنبوة أشعياء 7 : 14 . وبرأي معظم علماء الكتاب
إن موضوع بتولية مريم بعد ولادة يسوع منها هو أمر لا تفيد به هذه الآية
.
لكن للكتاب استعمال معين لكلمة " حتى
" يلقي المزيد من الضوء . فأولاً يستعمل كلمة " حتى مع فعل بصيغة
الإيجاب :
يشرق في أيامه الصديق وكثرة السلام حتى
يضمحل القمر " ( مز ٧٢: ٧ ) ، ولا يعني هذا أن الصديق وكثرة السلام سيغريان
بعد اضمحلال القمر . - "
. كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها ، هكذا
عيونا نحو الرب إلهنا حتى يتراف علينا " ( مز ١٧٣: ٢) ، طبعاً لن تكف عيوننا
عن النظر نحو الله حتى بعد أن يتراف علينا
.
ها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر
" ( مت٢٨: ٢٠) ، بالطبع سيظل يسوع معنا حتى بعد انقضاء الدهر
. -
" لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء
تحت قدميه " ( 1 كور ١٥ : ٢٥) . سيظل المسيح مالكاً حتى بعد هزيمة أعدائه -
قال الرب لربي : اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطناً لقدميك " ( مت ۲۲
: ٤٤
) .
سيظل الأعداء موطئاً للقدمين حتى بعد جلوس
الرب عن يمين الله الآب . - " وأرسل الغراب . فخرج متردداً حتى نشفت المياه
عن الأرض " ( تك ٨: ٧ ) . فالغراب لم يرجع إلى نوح ( أي ظل خارجاً ) حتى بعد
أن نشفت المياه ويستعمل الكتاب كلمة
" حتى " مع فعل بصيغة النفي : - ولم
يكن لميكال بنت شاول ولد حتى يوم موتها ( ۲
صمو ٦: ٢٤ ) . بالطبع لم تنجب ميكال بعد موتها
.
- " فلم يصدّق اليهود عنه أنه كان أعمى فأبصر
حتى دعوا أبوي الذي أبصر " ( يو ٩ : ۱۸
) .
يخبرنا سياق القصة أن اليهود لم يؤمنوا حتى
بعد سؤال والدي الأعمى . إذاً ، إن صيغة " ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر
" لا تعني أنه عرفها بعد ولادة يسوع
.
الدراسة الكتابية على هذه الآية في الجزء
الأول من شرح إنجيل متى للذهبي الفم تظهر كيف أن الآية 1 : ٢٥ وموضعها في الإصحاح
الأول يشيران إلى أن متى كان يقصد القول إن يوسف لم يعرف مريم لا قبل الولادة ولا
بعدها .
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال
المتعلّق بكلمة
" البكر " ، فالكتاب المقدس نفسه أيضاً
يجيب عليه . كلمة " البكر " ، بالتعريف ، تعني كل فاتح رحم " ( خرو
۱۳
: ۲ ) ،
لأن البكر الذكر هو مقدس للرب ، سواء أكان له أخوة من بعده أم لا
.
فالمولود الوحيد ، بدون أخوة من بعده ،
يُدعى بكراً أيضاً . فقد كان الفرعون ابن وحيد ، ومع ذلك قُتل مع أبكار مصر .
ويقول المزمور ۹۸ : ۲۷ عن داود بن يسي :
" أنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض"
.
كان داود أصغر أبناء يسي . والله لم يعكس
ترتيب ولادته هنا وإنما كان يتكلم عن " بكورية داود الروحية ، عن مكانته
المتميزة بين الآخرين . لهذا لكلمة " البكر " معنى مهم في الكتاب ، إذ
تشير إلى علاقة خاصة بين الله وبين شعبه
.
وعندما ينتهك البكر هذه العلاقة فإنه
يفقدها ، كما حدث عندما أعطيت البكورية إلى يوسف بدلاً من راؤبين ( 1 أخ ٥ : ۱
- ۲ ) .
من هنا نفهم لماذا استعمل متى كلمة "
البكر " ليسوع . لأن يسوع هو الابن الأول لمريم ، ولأنه كبكر اشترانا وردنا
إلى ملك الآب بعدما صرنا متغربين عنه ( تث ٢٥ : ۲۳ - ٢٤
) .
لقد حقق يسوع معاني لقب " البكر
" ومهامه . ولم يقصد متى أبداً أن يقول إن مريم قد ولدت أولاداً بعد يسوع .
هذه خيانة للاهوت متى وللكتاب نفسه
.
☦ د . عدنان طرابلسي عن
كتاب سألتني فأجبتك☦
|