في الأحد
السابع والأخير بعد القيامة . نرى القائم من الموت يظهر للتلاميذ وينفخ فيهم
ويرسلهم ، في عنصرة قبل العنصرة . نسمع بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي
يقول : لقد قبلتم يسوع ربنا . ففيه سيروا وأوصولكم راسخة ... فتزدادوا وشكراً .
ونحن قبلنا يسوع بحسب الإنجيل وتعليم الكنيسة ، ولم نبق مترددين عن تعاليم
المسيح ..... أنت بطرس وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي ،
وأبواب الجحيم لن تقوى عليها .
قال يوحنا الرسول :
( ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان
التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلامٌ
لكم . ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه . ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب . فقال لهم
يسوع أيضاً سلامٌ لكم . كما أرسلني الآب أرسلكم أنا . ولما قال هذا نفخ وقال لهم
اقبلوا الروح القدس . من غفرتم خطاياه تغفر له . ومن أمسكتم خطاياه أمسكت . أما
توما أحد الأثني عشر الذي يقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع . فقال له
التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب . فقال لهم إن لم أبصر في يديه أثر المسامير
وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن ) (يو 20 : 19
– 25 )
المسيح القائم يغدق سلامه على رسله
في الأحد السابع بعد قيامته نعاين ترائياً للرب يسوع لتلاميذه المجتمعين
في العلية ، (
حدث العنصرة ) يضعها يوحنا في اليوم الأول للقيامة . بينما يضعها
لوقا في كتاب أعمال الرسل ، أي بعد خمسين يوماً من حدث القيامة .
ترتبط الأحداث الثلاثة ( القيامة والصعود
والعنصرة ) بعضها ببعض ، وتتم في الوقت ذاته لأن القائم لا يخضع
بعد الآن لقيود الزمان والمكان . لكن علينا فهم الأحداث وقبولها وفصلها للتأمل
والتعمق بها .
يوم الأحد الأول بعد السبت . هو اليوم الذي فيه يتجدد الخلق ونذكر فيه
قيامة الرب ونحتفل فيه بالإفخارستيا .
الجماعة المسيحية الأولى نجدها في نص هذا اليوم خائفة ، متقوقعة على
ذاتها . لذلك سيزورها الرب ويغدق عليها عطاياه .
الرب القائم يعطي تلاميذه السلام . قبل أن يعطيهم براهين على صحة قيامته
وقبل أن يرسلهم ليحملوا البشرى ، يهمه أن يكونوا ساكنين مطمئنين .( السلام لكم)
.يسوع سبق وأعلن لتلاميذه : ( السلام أستودعكم ، سلامي أعطيكم ، لا كما يعطي
العالم أعطيكم أنا ) (يو 14 : 26 )
سلام الرب يسوع يسكن القلب ويوسعه ، و لا أحد يمكنه أن يسلبنا إياه .
سلام الرب يسوع يرسخ الإيمان فيصبح أول براهين حضور القائم .
الرب القائم يرسل تلاميذه ويربط إرساله لهم بإرسال الآب له. فتصبح
رسالتهم امتداداً لرسالته وتواصلاً معها .
يهب الرب القائم رسله العطية الأثمن ، وهي روحه القدوس . (خذوا الروح
القدس ) . الروح القدس هو الروح المؤيد الذي سيخزي العالم على
الخطيئة والبر والدينونة ، وهو الذي سيرشد الرسل إلى الحق كله لأنه لن يتكلم من
عنده بل يأخذ مما هو ليسوع ويخبرهم به .
يسوع الميت الحي يصبح محيياً وباكورة الخلق الجديد . في الخلق الأول كان
الروح يرفرف على المياه . وفي الخلق الثاني يصبح الروح عطية القائم لكل مؤمن .
الرب القائم يعطي رسله سلطان الحل من الخطايا : (من غفرتم
لهم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت )
هذا السلطان يعطي الكنيسة إمكانية إحياء كل من داخل قبور الموت الروحي ،
وتعيد خلقهم وترد هويتهم . فالاعتراف ليس إدانة لأن الحكم لله وحده ولا تداخلاً
بخصوصية الفرد لأننا جميعاً أعضاء في جسد واحد (فإن كان عضو واحد يتألم فجميع
الأعضاء تتألم معه . وإن كان عضوٌ واحدٌ يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه ).(
1 كو 12 : 26 ) .
كل الأسرار تتوجه إلى الأحياء وتبتغي الإحياء . في سر التوبة يعود
الخاطىء إلى رحم الكنيسة الأم ، فتعيد ولادته وتعطيه طعاماً جوهرياً لتطلقه من
جديد شاهداً لحضور الرب الحي والمحيي .
إشارات ورموز إنجيل الأحد السابع بعد القيامة
والأبوب مغلقة : يشير إلى أن التلاميذ
لم يختبروا يسوع الحي . يعيشون الآن في الوضع الذي وصفه لهم يسوع (بعد قليل لا
ترونني ) أما الوعد (ثم بعد قليل ترونني ) فلم يتحقق بعد .
الأبواب المغلقة : تشير إلى الخوف . فالإنجيل عندما يذكر الظلام وخوف
التلاميذ ، يحضر يسوع كي يحمي تلاميذه ويجنبهم الهلاك . خوفاً من
اليهود :
الخوف منع الشعب عن أن يتحدث علانية عن يسوع ، الخوف جعل يوسف الرامي
يستمر تلميذاً في الخفية . هذا هو وضع الجماعة الجديدة اليوم (الجزع والتخفي
وفقدان الشجاعة في الحديث علناً لصالح الذي حكم عليه ظلماً ) .
رسالة مريم المجدلية ( قيامة يسوع ) لم تحررهم من الخوف ، حضور يسوع وحده
يمكنه أن يعطي الضمان والفرح وسط عداوة العالم . ووقف بينهم :وقف بينهم
لأنه وعدهم بأنه لن يتركهم ، يسوع واقف بين التلاميذ في وسط جماعته ، فهو نبع
الحياة ، والمرجع وعامل الوحدة والحياة التي منها ترتوي أغصان الكرمة . وهو هيكل
الله الذي يرافقهم في مسيرتهم . السلام معكم : سلام يسوع
هذا يعني للتلاميذ اللقاء به ، فهم يتذكرون أقواله ومواقفه معهم في قلب عداوة
العالم . كما كان لقاء يسوع بمريم المجدلية في البستان حيث عرفته من صوته ، فهدأ
روعها . هذا التعبير يذكر التلاميذ بحضور المسيح وانتصاره مزيلاً عنهم الخوف
والشك وأراهم يديه وجنبه : يرمز هذا إلى حبه
وانتصاره كما قالها لهم عندما تركوه يوماً وذهبوا وحدهم في سفينة ( أنا هو ، لا
تخافوا ) يسوع يحبهم حتى النهاية . سيكون يسوع إلى الأبد المسيح ، والملك
المصلوب ، الذي منه يجري الدم والماء . ففرح التلاميذ : الفرح هو
نتيجة اللقاء مع يسوع (وسيتحول حزنكم إلى فرح ) (يو 16 :20 ) (وفرحكم هذا
لا يمكن لأحد أن ينتزعه منكم ) (يو 16 : 22 ) ها قد بدأ عيد الفصح الجديد مع فرح ولادة ( الإنسان ).
اليد والجنب يرمزان إلى الولادة وإلى ثمرتها : الإنسان – الإله . السلام
معكم ونفخ فيهم الروح القدس : يسوع يعيد التحية : ( السلام لكم ) في التحية الأولى
يحرر التلاميذ من الخوف . أما الثانية لتأمين الضمان والشجاعة المرفقة لهم .
يعطيهم يسوع سلامه في الحاضر والمستقبل وسط الصعوبات في العالم .
إعداد لوسين كردو
|