عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

ميلاد والدة الاله الحلقة الثالثة

ميلاد والدة الاله

الحلقة الثالثة:

عِظَة
  3- وكانت مريم جالسة عند قدمَي يسوع هذه هي نقطة الضعف في كل امرأة، انها تسير بعيداً في العطاء والبذل والعمل لأجل غيرها. ان الله، في تصميمه لشخصية المرأة وحتى لتكوينها الجسدي جعل فيها طاقة لا تنضب، وتضحية لا تقف عند حدود. هكذا المرأة الأم، والزوجة والممرضة والرسولة. أي نشاط تُبديه، وأية حركة تقوم بها دون ملل أو نكوص أو فشل. مرتا كانت في هذا الإطار وهذا التوجّه. أما مريم، فقد كانت أثناء المعمعة الكبرى في تهيئه الضيافة ليسوع "جالسة عند قدمي يسوع تسمع كلامه." هذا الجلوس حسب الإنجيلي هو تقرّب إلى يسوع والتصاق به، وتودّد إليه؛ هو دليل المحبة المتعاظمة في قلب مريم. ودون شك هذه المحبة كانت نتيجة معرفة واكتشاف حقيقي ليسوع. عندما يكتشف الإنسان المسيح لا يعود يفارقه. يجلس قربه، ليتحدّث إليه ويسمع أقواله؛ يصبح صديقاً له. "إني أنا في أبي وأنتم فيَّ وأنا فيكم... من حفظ وصاياي هو الذي يحبني والذي يحبّني يحبّه أبي وأنا أُحبّه وأظهر له ذاتي." (يوحنا 14/21) "إن أحبّني أحد أبي يحبّه وإليه نأتي وعنده نجعل مقامنا" (يو 14/23). كلمة الله نور وحياة. "كلمتك مصباح لخطاي ونور لسبيلي" (ترنيمة مارونية). الاقتراب وحده لا يكفي في المحبة، والجلوس وحده لا يعطي الفائدة المرجوّة؛ بل المهم هو سماع الكلمة والعمل بها. لا قربى أشد من قربى الكهنوت إلى الله وقربى الرهبنة؛ لكن الكاهن الحقيقي والراهب الحقيقي هو الذي يصغي بانتباه إلى كلمة الله؛ والإصغاء يعني الدخول في فكر الله وفي حياته. لذلك عندما تذّمرت مرتا من سلوك أختها، قال لها المعلم "انها اختارت النصيب الصالح". فأي نصيب صالح هو الالتذاذ بحضرة الله والغوص في معرفته وسماع صوته وكلمته. وكان هذا توبيخاً لمرتا: فهناك مفاضلة بين شيئين لا يجب أن ينساها تلميذ يسوع: المفاضلة بين الخير الأرضي والخير الروحي. فالخير الروحي هو النصيب الذي لا يُنزَع أما باقي الخيور فهي تفنى وتزول.   4- الاهتمام الزائد بالأمور الثانوية وقال الرب: "مرتا مرتا انك مهتمّة ومضطربة بأمور كثيرة." هذا التوبيخ اللطيف لمرتا هو تنويه من السيّد بضرورة الاعتدال في الاهتمام بالأمور الأرضية، فلا يُنسى الأهم والأعظم. من الضروري ومن الواجب أيضاً الاهتمام بهذه الأمور الأرضية، وإعارتها أكثر الانتباه، إنما دون أن تحدث اضطراباً وقلقاً وتشتّتاً في الفكر. ودون أن ينسى الإنسان ضرورة الرجوع إلى أمر يحتاج إليه دائماً، وهو واحد أحد، لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن أن تستقيم حياة دون الانتباه إليه ودون الرجوع إليه، وهو الله. وفي الحقيقة أين هذا كله من الاختيار الذي عنيت به مريم، وارتاحت إليه وتركت كل شيء لأجله. أين الاضطراب والقلق والإنشغال المتعب من هذا الجلوس الهنيء، والاستماع العذب للكلمة والاطمئنان قرب المعلم. يوجّه السيّد إلى الرسل العاملين في نشر الملكوت تحذيراً من الاهتمام الزائد بأمور مادية، كالسيارات والجرائد والدعاية والحركة والشغل المكثّف، والاجتماعات المتواترة ونسيان الرجوع إلى النفس وإلى الله والعودة إلى الينابيع. فما نفع كل هذه الأمور إذ غاب الله عنها. الحاجة في كل عمل يقوم به الكاهن أو الرسول أو الراهب إلى نفحة من الله، ودعم من قدرته ودفق من روحه. "إن لم يبنِ الرب فباطلاً يتعب البنّاؤون؛ إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً يسهر الحرّاس..." (مز 126/1). يركّز الأب Chantard في كتابه الجميل L’ame de tout Apostolat على ضرورة الخلوة والتأمل الداخلي واستكشاف وجه الله في العمل الرسولي والكهنوتي وفقاً لقول السيّد: "مَن يثبت فيَّ وأنا فيه يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئاً" (يو 15 /5). هذا التوبيخ هو دعوة للتركيز على العكوف على الشيء المهم في الحياة، وهو الله. بالحقيقة قامت كنائس كثيرة، والتأمت مجامع عظيمة، وتأسست رهبانيات قديماً وحديثاً، وظهرت جمعيات وحركات مسكونية ورسولية. ماذا عملت؟ ربما أهملت النصيب الصالح وهو الصلاة، والجلوس عند قدمَي يسوع، والصمت، وسماع الكلمة والصوم. فكان عملها غير مثمر وتافهاً.

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com