تفتح
الكنيسة السريانية صيامها الأربعيني بصلاة المسامحة ، أول أيام الصيام ، ففي
صباح هذا اليوم ننحني ونركع ، ونطرح وجهنا جميعاً أمام عرشك طالبين المغفرة
والسماح منك يا رب ، ومن بعضنا البعض . فافتح لنا ذراعيك المباركتين وضمنا إلى صدرك ، لنفرح
بلقياك ونسعد بمعرفتك
يقول متى
الرسول في إنجيله المقدس :
( وإن لم
تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم ) ( متى 6 :15 )
بعض إساءات
الحياة تكون عميقة مؤلمة بحيث يبدو من المستحيل أن نسامح مسببيها. غير أن الرب
يسوع قال : (إننا لا نستطيع أن نتمتع بغفران أبينا السماوي إن كانت لدينا روح
غير غافرة ) .
نهج لنا
الرب يسوع طرقاً للمصالحة مع أخوتنا وأسلوباً للمسامحة بدون حدود . فالمسامحة
أسمى ثمرات المحبة وهي لا تجتمع أبداًمع الحقد والانتقام والضغينة .
قد يصنع
الإنسان خيراً ، فيلحقه الشر والأذى . ويزرع جميلاً، فيقابل بالإساءة والجحود
والنكران .
وربما
ينقلب على أيدي أحد الأحبة ... ناراً محرقة . فنكتشف خيبة أملنا بالناس والأشخاص
من حولنا ... حينها تدق ساعة الصراع ... الغضب ...هل ننتقم ... ؟هل نجرح
بالمقابل ...؟
هل نصفح
ونغفر ... متى ؟ كيف ؟ لماذا ؟ .
ولكن شعلة
النور المقدسة الكامنة في داخلنا تصرخ ( أبتاه ) هي من الألفاظ الأخيرة التي نطق
بها ربنا وإلهنا يسوع المسيح وهو يعاني سكرات الموت معلقاً على الصليب ( يا
أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ) (لو 23 : 34 ) .
ونحن كم
يلزمنا من التدريب لنصل إلى الهدف الذي نسعى إليه ، أن نسامح ونصفح عن بعضنا في
نفس وقت إحساسنا بالألم .
ربنا يسوع
المسيح يطلب منا أن نغفر للآخرين كما فعل هو ، ويعطينا القوة لنغفر حقاً .
يا رب
امنحنا القوة والجرأة لنسامح بعضنا بعضاً على كل ما نقترفه ضد القريب ، وما
يقترفه القريب ضدنا ، إنما هو ضد الله تعالى . ويعتبر تعدياً لوصاياك .
اجعلنا يا
رب في اليوم الأول من الصيام الأربعيني وبعد صلاة المسامحة أهلاً ، مستعدين
للصيام ، فالصوم انقطاع عن الأطعمة الدسمة انقطاعاً تاماً أي ما يذبح من
الحيوانات ومنتجاتها ، ولكن الهدف منه كقول ابن العبري : ( إذلال الجسد والأهواء
المختلفة ، وإخماد الميول الجسدية ، لكي تضيء النفس التي أظلمت بظلام المادة ،
وتتنقى كالمرآة من الأقذار التي تشوهها ) وقوله أيضاً ( الصوم صيانة اللسان ما
يسيء ويضر .وسد الآذان من سماع الكلام الشرير . وكف اليدين عن الإسراع في الضرب
، والرجلين عن السعي إلى الشر . والحذر من إتيان الظلم وأكل الحرام ، والاقتران
بالرحمة ضرورة ) .
فاليوم
الفرصة الذهبية لنا أن يغفر أحدنا للآخر ما اقترفه ضده من تجاوزات وذنوب وزلات
لننال المغفرة من الله وليسمع صلواتنا ويرتضي بما نقدمه من صدقات بنعمته تعالى
أمين .
أعداد: لوسين
كردو ـ قنشرين
|