على مثال يسوع الذي جُرِّب, فقد جَرَّبَ الشرير أنطونيوس ونحن معه التجارب الثلاث: "تجربة الخبز", و" تجربة المجد الباطل", و" تجربة السجود للشيطان".
رأينا أن أنطونيوس قد جرّبه الشرير في بداية نسكه بالطعام والمال والجنس وهذه كلها تتماشى مع تجربة يسوع الأولى, فالخبز يرمز إلى غريزة الامتلاك (Avoir), إذ إن الخبز رمز لكل ما هو مادي. (كيف أن الشعب العبراني كان يجمع المن والسلوى لا لحاجته اليومية فقط بل كضمان للمستقبل).
جرب الشرير أنطونيوس بالمجد الباطل مثلما جرب يسوع عندما حرضه على إلقاء نفسه إلى أسفل فيضطر الرب إلى أن ينقذه. إنها ترمز إلى غريزة الشهرة والنجاح والمجد الباطل (Valoir), ذلك بأن الرغبة في حمل الملائكة من يلقي نفسه هي رغبة في الظهور و السمعة الطيبة و مديح الناس.
56 - كان الرب يستجيب (لزائري أنطونيوس) من أجله. ولكن أنطونيوس لم يفتخر إذا استجاب الرب لطلبه, ولم يتذمر إذا لم يستجب له، بل كان يشكر الرب دائماً. (...) والذين نالوا الشفاء تعلموا ألا يشكروا أنطونيوس وإنما الرب" هكذا لم يقع أنطونيوس في فخ المجد الباطل الذي يهدد جميع البشر, بل أصبح مثالا لجميع المسيحيين, إقتداءً بالمسيح الذي تحمل جميع ألوان الإهانات والاضطهادات.
وعلى مثال يسوع في التجربة الثالثة ُجِّرب أنطونيوس في الكبرياء (56) فكان متواضعاً جداً:
58 - ما هذا العمل عملي (...) فالشفاء عمل المخلص الذي يفعل رحمة في كل مكان"
فالتجربة الثالثة ترمز إلى غريزة التسلط على الآخرين لإخضاعهم (Pouvoir).
فالغرائز الثلاث هذه يستخدمها الشرير ليجرب الإنسان في علاقته بالأشياء, وأيضا بنفسه, وكذلك بالآخرين, فإنه يعرض عليهم قيماً ثلاث يبنون ويعتمدون عليها في حياتهم. وهنا نجد مادة للتمييز بين قيم الله وقيم الشرير. لا شك أن ما كتبه القديس أثناسيوس في "سيرة أنطونيوس" لا يعني فقط حياة الراهب , بل يعني اختبار كل مسيحي, أيّا كان. |