عن الكنيسة

كاهن الكنيسة

جمعية الكنيسة

مواقع

C??????E اعيادنا المسيحية

23/7/2009
العنصرة الجزء الاول_ المتروبوليت فلاخوس

العنصرة

 

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس

 

تعريب الأب أنطوان ملكي

أمر المسيح تلاميذه، قبل صعوده إلى السماوات، بأن يعودوا إلى أورشليم ويلبثوا هناك إلى أن يلبسوا قوة من العلاء. لقد وعدهم بأنهم سوف يأخذون الروح القدس الذي حكى عنه خلال حياته. وقد تحقق هذا الوعد بعد خمسين يوم من الفصح، في اليوم العاشر لصعوده إلى السماوات. وهكذا، نحن نحتفل بعيد العنصرة "الخمسين" الذي فيه نكرّم الثالوث القدوس وفي اليوم التالي نحتفل بعيد الروح القدس. فعيد الخمسين، "العنصرة"، هو عيد للثالوث القدوس.

لا ننوي الاستفاضة بالكلام عن الأقنوم الثالث، أي الروح القدس، بل سوف نركّز فقط على الأحداث التي تشير إلى المسيح في الكتاب المقدس والآباء القديسين. وعليه، سوف نشدد على الأحداث الخريستولوجية التي تشير إلى الروح القدس. وبما أنه يصعب فهم الخريستولوجيا بمعزل عن العقيدة الثالوثية، سوف فسوف نعالج أيضاً عقيدة سر الثالوث القدوس.

عيد الخمسين، "العنصرة"، هو من ضمن أعياد الكنيسة الإثني عشر، لأنه آخر أعياد التدبير الإلهي. هدف تجسد المسيح كان الانتصار على الموت وحلول الروح القدس في قلوب البشر. إلى هذا، معروف جداً أن هدف الحياة الكنسية والروحية هو أن نصبح أعضاء في جسد المسيح ونكتسب الروح القدس. وهذان أمران مترابطان.

يسمّي كاتب التسابيح عيد العنصرة آخر الأعياد المتعلّقة بإصلاح الإنسان وتجدده: "أيها المؤمنون، لنعيّد بابتهاج العيد الأخير الذي هو آخر العيد لأن هذا هو الخمسيني، غاية الوعد المفترض وإنجازه" (الاستيخولوجيا الأولى في سحر العيد). وهكذا، إذا كانت بشارة والدة الإله هي بداية تجسد الكلمة والتدبير الإلهي، فالعنصرة هو الختام، إذ فيه يصير الإنسان، بالروح القدس، عضواً في جسد المسيح القائم. أيضاً، يمكننا أن نضع العنصرة وكل ما يتعلّق بالروح القدس وبالمسيح، في هذا الإطار لأنه يستحيل فهم الخريستولوجيا بمعزل عن البنفمتولوجيا (Pneumatology ولا البنفمتولوجيا بمعزل عن الخريستولوجيا [الخريستولوجيا هي الدراسة المتعلقة بالمسيح، نسبةً إلى خريستوس، المسيح. بنفمتولوجيا هي الدراسة المتعلّقة بالروح القدس، نسبة إلى بنفما Pneuma، الروح القدس].

لقد جرى نزول الروح القدس يوم أحد. وهنا نرى قيمة الأحد، إذ إن أعياد السيد الكبرى جرت فيه. بحسب القديس نيقوديموس الأثوسي، بدأ خلق العالم في اليوم الأول، أي الأحد، بدءاً بالنور؛ وبدأ تجدد الخليقة يوم أحد مع قيامة المسيح؛ وجرى إتمام الخلق يوم أحد بنزول الروح القدس. الآب أتمّ الخلق بمعاونة الابن والروح القدس، الابن أتمّ التجديد بإرادة الآب ومعاونة الروح القدس، والروح القدس أكمل الخلق، منبثقاً من الآب ومرسَلاً من الابن.

بالطبع في هذا الكلام، نعطي أهمية للأقانيم التي أتمّت الجزء الأساسي من إبداع الخليقة وتجديدها وإكمالها. ولكن في النهاية، كما تعلّمنا وكما نؤمن، إن الثلاثة يشتركون في قوة الإله الثالوثي، ولا يمكن فصل أحد الأقانيم أو عزله عن الآخَرَين في الثالوث. يتطابق عيد الخمسين المسيحي الذي نعيّد فيه لنزول الروح القدس مع عيد الخمسين اليهودي. لقد نزل الروح القدس على الرسل وجعلهم أعضاء في جسد المسيح القائم من الأموات، في اليوم الذي كان فيه اليهود يحتفلون بعيد الخمسين. وهذا العيد هو ثاني أهم أعياد اليهود بعد الفصح، وفيه يحتفلون باستلام موسى لناموس الله على جبل سيناء، بحسب التقليد. بعد أربعين يوماً من أول عيد فصح، صعد موسى إلى جبل سيناء واستلم ناموس الله. لكن في موازاة ذلك، كان عيد الخمسين اليهودي تعبيراً عن شكرهم لقطاف الأثمار. وبما أنّه يتوافق مع فترة الحصاد، فقد سمّوه "عيد الحصاد" وقدّموا فيه بواكير الثمار إلى الهيكل. عيد الخمسين الذي كان اليهود يحتفلون به بفخامة، سُمّي أيضاً عيد الأسابيع (أنظر خروج 22:34، لاويين 15:23-17، عدد 26:28-31، وتثنية 9:16-19).

يشير الإلماح المقتضب إلى عيد الخمسين اليهودي إلى أنّه كان نموذجاً لعنصرة العهد الجديد. إذا كان موسى قد أخذ ناموس العهد القديم في اليوم الخمسين، فالتلاميذ أخذوا الروح القدس في اليوم الخمسين وبالتالي اختبروا ناموس العهد الجديد، ناموس النعمة الإلهية. إذا كان الكلمة غير المتجسد هو مَن أعطى الناموس على جبل سيناء، ففي العهد الجديد، الكلمة المتجسد القائم أرسل الروح القدس إلى التلاميذ الذين كانوا في العليّة، فصاروا أعضاء لجسده البهي. إذا كان اليوم الخمسين في العهد القديم يوم تقديم بواكير الثمار، ففي يوم خمسين العهد الجديد، قُدّمَت بواكير الثمار العقلية من الحصاد الذي زرعه المسيح نفسه، أي أن الرسل قُدِّموا إلى الله. بالطبع، هناك فرق واضح بين إعلان الله على جبل سيناء، وإعلانه في عليّة أورشليم. لقد كان جبل سيناء "كُلُّهُ يُدَخِّنُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَصَعِدَ دُخَانُهُ كَدُخَانِ الأَتُونِ، وَارْتَجَفَ كُلُّ الْجَبَلِ جِدًّا." (خروج 18:19). بالواقع قد أعطيت وصية بألاّ يقترب أحد من الجبل كي لا يموت: " كُلُّ مَنْ يَمَسُّ الْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلاً." (خروج 12:19). لم يحدث أمر مماثل في يوم نزول الروح القدس في العليّة. لقد امتلأ الرسل فرحاً وتحوّلوا: من رجال خائفين إلى باسلين، ومن مائتين إلى آلهة بالنعمة.

يظهر الفرق بين سيناء وعليّة أورشليم في الفرق بين ناموس العهد القديم وناموس العهد الجديد. في القديم، أُعطي الناموس على لوحين حجريين، والآن الناموس محفور على قلوب الرسل. يقول الرسول بولس: "ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ." (2كورنثوس 3:3). لقد حقّق نزول الروح القدس نبوءة النبي إرميا كما يكتب الرسول بولس: "أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا." (عبرانيين 10:8). عيد الخمسين هو عيد للروح القدس، لأننا نتعلّم من نزوله أن الله ثالوثي. في السابق أيضاً، بشكل مغمور في العهد القديم وفي تعليم المسيح، كان الناس يتعرّفون إلى الوجه الثالوثي لله، لكن في العنصرة اكتسبوا خبرة عملية عن أقنومه الثالوثي. وهكذا فالعنصرة هو عيد اللاهوت الأرثوذكسي.

في اللاهوت الأرثوذكسي، ما يُقال عن الله (اللاهوت) هو غير ما يُقال عن التجسّد (التدبير). وهكذا، في عيد العنصرة  نعبّر عن اللاهوت بطريقة أرثوذكسية، لأننا نفهم أن الله ثالوثي، آب وابن وروح قدس. بحسب التعليم الأرثوذكسي عن الإعلان، الآب بلا ابتداء ولا علّة وغير مولود، أي أنّه لم يأخذ وجوده من أيّ كان، الابن يأتي من الاب بالولادة، والروح القدس يأتي من الآب بالانبثاق. لقد كشف لنا المسيح هذه التعابير: غير مولود، ولادة وانبثاق، ولا نستطيع أن نفهمها عقلياً، لهذا هي تبقى سراً. الحقيقة هي أن الابن والروح يأتيان

 Copyright © 2009-2024 Almohales.org All rights reserved..

Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com